سقطـ سهــواً .. من مخيلتي ..

كان آخر مرة ألتقيته..مغمض العينين لا يريد أن ينظر حتى إليها وهي تحدثه ..
ومازلتـ أتأمل كل ماحدث بين تفاصيلة وأتحسس منه صدق
كل كلمة كان يقولها ...كان صارم حتى في هدوءه ..وصمته ...
لقد أصبح رجلا مخيفا بالنسبة لي ..ولم أعد أثق بوعوده ..وأصبح كل كلامه سابقا زورا .
وكل إدعاءآته باطلة

لقد إتضح لي ذلك مؤخرا...وصدقت تكهناتي حوله وحول ماكان يخطط له ...لا أدري لما بت
أصدقه لما كان يحكي لي جزافا عن مغامراته ..وكنت أتوق للمزيد ..لااعلم لما كنت أضحك لضحكاته
وأحزن لحزنه..رغم أنه كان يتظاهر بالرقة ..لكنني ايقنت باللحظة الحاسمة والمناسبة ..أنني وقعت بشراك رجل وغد ..
هكذا كانت تتحدث لنفسها وهي تتنفس الصعداء بعيدا عن أجواء العمل ..لقد تمنت هذه
اللحظة ...لحظة معاتبة النفس ..بعد إرهاق العمل ..وسيل الإتهامات التي أنهالت عليها كالسهام
من آخر رجل توقعت أن يفعل ذلك بها ..

خد بالكـ عليها ..دي مش معاملة تعاملني بيها .!!.

تيقنت أخيرا أن جميع الرجال قساه تغلفهم المصلحة ..
أعتادت في الفترة الأخيرة أن ترتشف قهوة حلوة علها تحضى بأيام أجمل في القادم ..

أغمضت عينيها وهي في تلك الغرفة الضيقة لكنها كانت تراها أوسع من شقتها المترامية الغرف
هناكـ .. أسترخت أكثر وتنفست الصعداء على أريكة ..بيضاء صامته لا تحكي سوى عن
صقيع ..كما مخيلتها المزدحمة ..بأكوام الجليد التي تنوي إزاحتها لتسير بتؤدة وثباتـ ..
ربما كانت أكثر صراحة مع نفسها..!!

في المرةالقادمة سأضع حدودا لجميع العلاقاتـ حتى لا تدع أحدا يجروء على الإقتراب منها

تذكرتـ حينما كانت صغيرة ,,وأنها لم تسخر مشاعرها لأحد بل كانت متعجرفة لا تعرف الأنوثة مطرحا
لقلبها ..كانت تحب أن ترتدي مثل الصبيانـ ..وتقف مصطفة لإعلان سباق الجري ..

حول ثلاث منازل من حيهم الصغير ..كان منافسها سلمان دائما صاحب المركز الأول ..أما هي
كانت تتمنى ان تعرقل له كي تكون هي الرابحة ..

لم يخفي شعرها الطويل أنوثتها التي كانت تتبرأ منها والخصلات التي تتطاير على وجهها وهي تعدوا
حينما تضع نصب عينيها الفوز ..
وهي تتمنى بأي لحظة أن تتحول لصبي ..قتقص ذلك الشعر المزعج..الذي يعرقل فوزها ..
.
رغم أن سلمان قليل الضحكـ بعكس شخصيتها الفوضوية ..إلا أنه كان يميل إليها كثيرا ليحكي كيف
أن الإستاذ عنفه ذات مرة لأنه نسي حقيبته ..
فضحكتـ ضحكة صاخبة ولم يعجبه ذلكـ بل ظل ينظر إليها حتى فرغت من ضحكتها ..بادرها
بالسؤال /: هل تعلمين أين نسيت حقيبتي ..؟
أجابتـ :لا من اين لي أن اعلم ..!؟
قال/:عند باب منزلكمـ .. ذهلتـ ولم تنبس ببنت شفه !!
..!!عندما كنت اقف بجوار الباب واستمع لتوبيخات ابيك لكـ ..حتى أنه كان يقول لن تلعبي بعد
اليوم في الخارج أنت لست صبيا ..وقد كبرت ولابد ان تمتنعي عن الخروج مع الصبيان واللعب
معهمـ..!!
حتى أنه منعك من الذهاب للمدرسة في ذلك اليوم ..لأنك تسيرين معي في الصباح..!!
:: إنك تكذب لم يعنفني أبي يوما..ولم أذكر أنني تغيبت بسببكـ ..رفعت خصلات شعرها عن
وجهها بحركة سريعة وتركته ..يتبسم وكانه الجليد ..!!
كنت أكبره بأربع سنواتـ كان فارق السن واضحا ..
لكنه الوحيد الذي يحتمل الإهاناتـ والتعليقاتـ الساخرة منها ...

إغتاضت من نفسها لانها لم تبوح له بأنها تحب شخصيته الهادئة ..التي تتيقض لوقت الأزمات
كلكماته لبدر المأفون الذي كان يكثر من الضحك منها ويطيل تعليقاته عليها بأنها تشبه العجوز
السحرية ..بشعرها المبعثر وحركاتها الكثيرة .
ياااااه كانت طفولتي مليئة بالأحداث أكثر مما انا عليه الآنـ..لما لا أجعل في حياتي شيئا يميزني ..!!

دائما ما اكون إما وسيطا أو على هامش التفكير ...لما لم يكن لي مركزي الخاص ..

حقا كنت وسيطا مهما بين أختي وصديقها حتى أبعد عنهم أعين أخوتي ..وخالتي التي تترصد أخطائي ..!!
لم تلق له بالا حتى راتني أثير إعجابي به عندها ..كنت أنقل كل حكاياتنا ولعبنا ..لها ..وأيضا
له ..كان شديد الإعجاب بحديثي ..حتى تيقنت بأنني لست المعنية ..فقط حكاياتي هي ما
يعنيه ..!!
فتغاضيت كالغبية التي تسعد بالأخبار والهدايا لأختي ..حتى أرى إبتسامتها وشوقها له يزيد لأزيدها
بحديثي فرحة ..وأسعد بجمال وجنتيها الحمراوتين ..وهي تحتضن رسائلة وهداياه ..


وكنت بدوري ابتسم معها إنتصارا لغبائي المحتوم..

خبروني أيش اسوي لو عشق قلبه سوايا ..!؟؟
والآنـ..هي أغرقت نفسها بأبنائها وزوجها بعيدا عنه..وأنا مازلتـ أقلب صفحات ذكرياتنا ..,,,

لماذا؟!! أما زلت أزاول غبائي منذ الصغر حتى يضيع مني الحب كآنا كارنين ..التي دهسها القطار
لغبائها أم كماجدولين الغريقة ..؟؟
بيد أنهما أعترفتا بحبهما ولم أعترف أنا ..كصخرة جامدة ..أشاهد من بعيد وأكتفي بقرأءة القصص
ووالرواياتـ ومغامرة صديقاتي المجنونات بأحبتهم..

أممم..لكنــه يكفيني أنني أنا لم أتغير ولم أدع أحدهم يعبث بمشاعري ..كمن يحتويني للحظة ..
ويتركني لأني لم أعره إهتماما ..,,!!
أو كعلي الذي لم يصنع شئ ..حتى كرهته ..لا يتحركـ كالرجال ..ساذج ولا ارى عيناه تلمعان
لحبنا ..فتركته كي يعتني بنفسه .. لأني لا أرى الجمود حب ..ولا الصمت عند اللقاء أواللا مبالاه
حين إحتشاد القوم....
ربما كان أكثر غباء مني ..لتعتني به هدى التي أصبحت زوجته ..فهي تريد زوجا فقط ..ربما دون
مشاعر ..!!
أنا نيران بشعوري ..والثلوج غطت شعوركـ..

تجاوز الليل المنتصف اليوم..ولم أنم أو اصنع شيئ كالعادة..سوى نبش مذكراتي وأوراق صديقاتي ..
وهذا الكوب الخامس ..من القهوة ..ولم أشعر بالوقتـ جمعتـ ما بعثرته من حولي ..مازلتـ أحتفظ
بكتب مذكراتي وخاصة ذلك الذي يحمل صور للكابتن ماجد الذي شبهت سلمان به ...وكيس
بطاطس تسالي الذي أهداني أياه صاحب القلب المتجلد ..وأخيرا صورة لطفلة صديق اختي