البسطيلة .. طبق من الحمام إنتقل من الأندلس إلى موائد المغرب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مهما تعددت أنواع الطيور ، يظل الحمام هو سيدها ، نظراً للمكانة الرمزية التي يحملها ، والمرتبطة بالمحبة والسلام ، وهذه المكانة لا تضيع منه حتى عندما يتحول إلى طبق شهي على موائدنا ، لأن طعمه يختلف عن بقية أنواع الدواجن والطيور .
وعرف الحمام على أنه صديق الإنسان ، الذي إستخدمه قديماً كوسيلة إتصال سريعة تنقل الرسائل في أيام السلم والحرب .
وتوجد أنواع كثيرة من الحمام تختلف في شكلها ، وألوانها ، وحتى في طباعها ، فمنه الأليف وهو الذي نجده في المدن ، في الساحات العمومية والحدائق ، وهناك البري الذي يفضل الهجرة .
وما زال الحمام يربى في البيوت وعلى أسطح المنازل . ويرتبط مربو الحمام بهذا الطائر بشكل كبير إلى حد الإدمان ، لأنه أليف وقريب جداً من الإنسان ، لدرجة التواصل عبر الأصوات ، وبسبب ذلك يتخذه الأولاد كتجارة مسلية ، يجنون من ورائها أرباحاً لا بأس بها ، لأنه يبيع الحمام في السوق ، وفي الغد تعود إلى عشها الأصلي بكل تلقائية ، ثم يرجعها إلى السوق ويبيعها ويقبض ثمنها مرة ثانية وهكذا دواليك . أما تغذيته ، فتتكون من القمح والذرة البيضاء .
ويؤكد الباحثون أن لحم الحمام يعد من أفضل أنواع اللحوم طعماً ، وقيمة غذائية لإحتوائه على نسبة عالية من البروتين ، كما أنه غني بالفوسفور ، والفيتامينات ، وسهل الهضم . أما أفضل أنواعه فهو الفراخ الصغيرة اللذيذة جداً .
وتعتبر شوربة الحمام من ألذ الشوربات ، وقيمتها الغذائية عالية ، وبسبب ذلك ، يحضرها المغاربة للسيدة النفساء حتى تستعيد عافيتها وقوتها البدنية بعد الوضع .
وتحضر هذه الشوربة بفراخ الحمام الصغير ، يضاف إليها البصل مقطعاً إلى دوائر ، وتتبل بالملح والقرفة ، والزعفران ، والبقدونس ، ثم توضع على النار وتحمر قليلاً في الزبد أو السمن حسب الرغبة ، ثم يصب فوقها الماء الكافي ، وتترك حتى ينضج لحم الحمام ثم تقدم ساخنة ، كما يمكن إضافة قليل من الشعرية أو الجزر المقطع إلى قطع صغيرة .
ومن الأطباق التقليدية المغربية التي تحضر بالحمام ، نجد طبقين شهيرين هما طاجين الحمام بالبصل والزبيب ، و«
البسطيلة» بالحمام ، وهي أطباق متميزة جداً تقدم في الأيام العادية ، وفي المناسبات وللضيوف .
ولتحضير طاجين الحمام بالبصل والزبيب ، يحمر الحمام في الزيت مع قليل من السمن ويضاف إليه البصل والملح والقرفة ، ثم يصب فوقه الماء الكافي ، وعندما يكتمل طهيه يضاف الزبيب والسكر ، ويترك لمدة قصيرة فوق النار حتى يتعسل البصل والزبيب . ويمكن تزيينه باللوز المقلي ، ويقدم كطبق رئيسي .
أما «
البسطيلة» بالحمام ، فهي أكلة أندلسية الأصل لا منافس لها ، تعبر عن الترف ، والكرم ، والحفاوة البالغة بالضيوف ، إلى جانب أنها طبق رئيسي للمناسبات .
أما طريقة تحضيرها فهي كالتالي : يوضع فراخ الحمام في طنجرة ، ويضاف إليها البصل ، والكزبرة ، والبقدونس ، والزبد ، والملح ، والفلفل الأسود ، والزعفران ، والقرفة ، وقليل من السكر وتترك على نار متوسطة ، وعندما تقلى جيداً ، يضاف إليها قليل من الماء ، وتترك حتى تنضج . فيرفع الحمام من الطنجرة ، ويترك المرق على النار حتى يتشرب البصل والبهارات جيداً ، بعد ذلك تخلط 6 أو 8 بيضات جيداً وتضاف للمرق مع تحريكه .
ينزع العظم من الحمام ويقطع إلى قطع صغيرة ، ويترك جانباً إلى حين الإنتهاء من تحضير حشوة اللوز ، وهي عبارة عن لوز مسلوق ومطحون مع السكر ، ومنكه بالقرفة وماء الزهر .
تدهن آنية مستديرة مخصصة للفرن بالزبد ، ويصفف على جوانبها ورق البسطيلة الدائري (الجلاش) ، ثم توضع ورقة واحدة في الوسط بعد دهنها بالزبد حتى نحصل على طبقة سميكة ، يفرغ فوقها خليط البيض والمرق ، أولاً ، ثم قطع الحمام ، فاللوز ، وتغطى الحشوة بطبقة أخرى من ورق البسطيلة بعد دهنها بالزبد ، ثم تثنى الجوانب جيداً وتلصق بواسطة البيض . تدخل إلى الفرن حتى يصبح لونها ذهبياً ، وقبل تقديمها يزين سطحها بالسكر الناعم والقرفة وحبات من اللوز .
وأدخل المغاربة تغييرات على هذا الطبق الأصلي ، وذلك بإستعمال الدجاج بدل الحمام ، ولم تعد البسطيلة مقتصرة على الدواجن والطيور ، بل دخل السمك ضمن مكوناتها ، فظهرت بسطيلة محضرة بفواكه البحر ، وهي لذيذة وشهية كذلك .
علمتني الحياة أن أكون كالنجوم تسهر لتنير للآخرين وتزيّن حياتهم دون أن تنتظر من ينظر إليها ويقول شكراً
أحمد السعدني