حياه بلا عنوان عضو فعال
الجنس : عدد المشاركات : 3711 العمر : 38 جنسيتك : مصر علم دولتك : عارضة الطاقة : تاريخ التسجيل : 13/01/2009
| موضوع: خلف أسوارِ الألم - .. الأربعاء 04 فبراير 2009, 1:38 am | |
| عندما عرفتك سيدتي ... عرفتُ معنى الصدق .. تعلمتُ كيف أكون صادقاً معكِ ؛ كيف أكون صادقاً مع نفسي ؛ كيف أكون صادقاً مع قلبي ، وكيف أكون صادقاً في حبي . و عرفتُ أيضاً - يا سيدتي - معنى الكذب .. تعلمتُ كيف أكذب على عقلي ؛ كيف أخدعه ؛ كيف أراوغه . حقّ لي سيدتي أن أزهو ببراعتي في هذا ، فكم كنتُ ماهراً في تضليل عقلي ، كنتُ مبدعاً في نسج القصصِ واختلاق الأكاذيب للتحايل عليه . وكلما استشعرتُ رغبته في الحديث عنكِ ؛ بادرتُ بإلهائه ، استدعيتُ مهاراتي في الالتفاف للإفلات منه ، فما كنتُ لأسمح له باقتحامِ مملكة القلب أو التدخل في شؤونه ، كنتُ أمقتُ أحاديثه السخيفة تلك في الحب ، يعتريني السأم كلما تقمص عباءة الحكيم المجرب ليلقي على مسامعي مواعظه الثقيلة في الحب وماهيته ، والمشاعر وصدقها ، كنت أهمس لنفسي : ما للعقلِ و الحب ؟!
و أدمنتُ - يا سيدتي - الكذب على عقلي .. حتى ظننتُ أنني قد امتلكته ، وأنه يكاد يخلد إلى الاستكانة ؛ رافعاً راية الخضوع والإذعان . لم أكن أعرف حينها أنه ليس بمقدورنا خداع العقل كل الوقت ؛ وأنه لا بد وأن تجيء اللحظة التي يعري فيها العقل زيفنا ويفضح كذبنا .
و جاءت تلك اللحظة يا سيدتي ؛ بقسوتها ومرارتها وآلامها .. جاء العقل في حشودٍ من الحكمة والصدق والحجة والمنطق ؛ ليحاصر قلباً أعزلاً إلا من بعض مشاعرَ نائمةٍ في أحضان الحلم ؛ يتدثر بها في ليالي الشتاء القارسة. جاء ليدك حصون القلب المشيدة من وريقات الفل ونسائم الربيع وغمغمات الطيور في الصباحات الناعمة . جاء ليطأ زهرة الحب النابتة في صحارى الحياة الموحشة . جاء حاملاً في كفيه المشانق والمحارق والأكفان للقلب السابح في محيطات الحلم الأخضر . جاء ليعقد محاكمة هو فيها الخصم والادعاء والقاضي والجلاد. جاء العقل - يا سيدتي - ليباغتني وحيداً .. رحتُ احتمي بكِ ؛ استصرخك ؛ ألوذ ببقايا حب يسكن الضلوع المتوجعة ... تمنيتُ يا سيدتي لو أنكِ هنا ، تمنيتُ لو تسمعينني ، لو تحسين بعذاباتي ، لو تخففين جراحاتي ، لو تجمعين شتاتي ، لو تضمين إليكِ ذاتي .. لكنكِ لم تفعلي ، لم تفعلي .. كنتِ في عالمك وحدكِ ؛ عالمٍ غير الذي أسكنه ؛ تعيشين حلماً غير الذي أحياه ؛ تنبضين بغير نبضاتي ، وتسمعين كل ما دون صرخاتي . آه ما أقسى سخرية العقل إذ يستحمق جهالاتي ؛ إذ يرجع صدى نداءتي استهزاءً واستخفافا.
كان علي أن استسلمُ - يا سيدتي - ؛ طوعاً أو كرهاً ؛ فما ترك لي العقل خيارا آخر . كان علي أيضاً - يا سيدتي - أن أعترف بما حاولت الالتفاف حوله طويلا ؛ بما حاولت صرف العقل عنه طويلا .. واعترفتً يا سيدتي .. نعم .. لم يكن حباً نعم .. كان وهماً شيدته من خيالات الاشتياق وأمنيات الحنين محلقاً به في سماءات لم تُرفع ، وحدائق لم تُزرع ، وسحاباتٍ لم تمطر . نعم .. لم يكن سوى حلم تمنيته ؛ عشقته ؛ صدقته ، اتخذته واقعاً أحياه ويحيا بين شراييني. نعم .. لم يكن ، لم يكن .
أتعرفين سيدتي ؟ .. ليس من السهل علينا الاعتراف بخطايانا اعترافاً مطلقاً ، غالبا ما نبحث عن خزانة نعلق عليها بعضاً من أخطائنا ؛ نحملها بعضاً من حماقاتنا .. وجدتني مدفوعاً لمعاتبتك ؛ لاتهامك ، فرميتك بالخداع ، والزيف ، والكذب ، والخيانة ، و .... ، و .... ، إلا أن هذا كله لم يشفع لي ، لم يرفق بالقلب الضعيف أو يرحمه من الزج به خلف أسوار الألم .
و هناك يا سيدتي ؛ خلف أسوارِ الألم .. انقشعت سحب الوهمِ الرمادية ، تجلت الشمس مبددة ضباباتي الملونة ؛ كاشفة لي عن البحيرات الجليدية التي يسبح القلب فيها . لا تصدقي سيدتي من يزعم أن الحياة تتوقف خلف أسوار الألم .. لا تصدقي من يزعم أن الحزن يعمينا ، أوالجرح يخرس نبضاتنا المتثاقلة .. فقط ، نصبح جسداً ميتاً بلا روح ؛ قالباً جامداً بلا قلب ، تتوقف عجلة الزمن عند آخر لحظة ذقنا فيها طعم الحياة ، فلا نميز بعدها أمسنا من يومنا من الغد الذي لن يأتي ، يلفنا السكون حولنا و داخلنا. و في غمرة السكون سيدتي .. لايتبقى لنا سوى العقل نديماً وجليساً ، نحن والعقل فقط ؛ بلا زيف أو خداع أو مراوغة أو تضليل ، تجمعنا المساءات الموحشة ، نتسامر على أرصفتها لقتل دقائقها اللعينة . هكذا تسير الحياة بنا خلف أسوار الألم ؛ قاسية ربما ؛ جافية ربما ؛ صارمة ربما ؛ رتيبة ربما ؛ ثقيلة ربما ؛ أليمة ربما ... لكنها تسير ؛ في كل الأحوال ؛ تسير . فقد علمتني الحياة أن القدر من القوة بحيث يرغمنا على التسليم لأحكامه ؛ وإن قست ، وأنه من الحكمة بحيث يمكنه الإبحار بشراعنا بين دوامات الحياة .
وخلف أسوار الألم .. لم يعد هناك ما يغري العقل لمحاربة قلب كسير ألقته الأقدار على أرصفة الحياة المهجورة .. عاد لمسامرتي ، عاد - كدأبه من قبل - ليغرقني في الأسئلة تاركاً إياي أغوص للتفتيش عن إجاباتها ، وكان أول ما فعل أن سألني عنكِ : لماذا أعتب عليكِ ؟ لكونكِ ما أحببتني يوماً ؟! .. لكونكِ لم تجدي في خزائن قلبك ما تمنحينني إياه ، أو في أدراج العقل ما يمكنني امتلاكه ، أو في حقول الذاكرة مساحات خضراء تستقبل بذور أحلامي ؟ أي حماقة تلك التي تجعلنا نعتب على من كان في حياتنا ؛ غير ما كنا في حياته ؟ أي حماقة تلك التي تجعلنا نعتب على من توهمنا أن إعجابه بنا أو تقديره لنا أو استئناسه بقربنا أو احتياجه لوجودنا بجواره ربما يكون حباً ؟! أي حماقة تلك التي تجعلنا نعتب على من لم يجد لنا في عالمه كوخاً نسكنه ، أو موضع قدم نشغله ، أو حبة رمان نقتسمها ؟ أي حماقة تلك التي تجعلنا نعتب على من مددنا جسور الوهم بعرض السماء لنعبر إليهم ؟
لا يا سيدتي .. أنتِ لا تستحقين العتبى ، بل تستحقين كل الشكر لأنكِ سمحتِ لي أن أختلس بضع لحظاتِ أحيا فيها محلقاً في سماء الحب ؛ أنام فيها على ضفاف الحلم ؛ اتنزه قليلاً بين وردات الحياة . بل تستحقين كل الشكر سيدتي لأنكِ منحتني لحظاتِ أحياها قبل أن أعود ثانية إلى قبري الكائن في باطن الحياة.
سيري في طريقك سيدتي .. لا تلتفتي لأمثالي من الحمقى الغارقين في بحور الوهم الملونة ؛ اللاهثين خلف أطيافِ السراب الزائفة ؛ لا تنشغلي بهم ؛ لا ترفقي بهم .. فهم لا يستحقون هذا. وحدها الأيام كفيلة بتلقينهم ما يجهلونه وحدها الأيام كفيلة بتعلميهم دروسها وحدها الأيام كفيلة بإرغامهم على الإذعان لمقدراتها سيري في طريقك سيدتي .. سيري في طريقك
و لا أنسى سيدتي ؛ أن أرسل لكِ - من خلف أسوارِ الألم - .. | |
|
روبي مارو المشرف العام
الجنس : عدد المشاركات : 10200 العمر : 46 العمل/ الدراسة : تربيه قسم لغه فرنسيه جنسيتك : مصر علم دولتك :
عارضة الطاقة : تاريخ التسجيل : 19/01/2009
| موضوع: خلف أسوار الأربعاء 04 فبراير 2009, 1:45 am | |
| | |
|
حياه بلا عنوان عضو فعال
الجنس : عدد المشاركات : 3711 العمر : 38 جنسيتك : مصر علم دولتك : عارضة الطاقة : تاريخ التسجيل : 13/01/2009
| موضوع: رد: خلف أسوارِ الألم - .. الأربعاء 04 فبراير 2009, 4:51 am | |
| | |
|
sad dodo عضو فعال
الجنس : عدد المشاركات : 2832 العمر : 39 العمل/ الدراسة : اداب لغه فرنسيه
عارضة الطاقة : تاريخ التسجيل : 10/01/2009
| موضوع: رد: خلف أسوارِ الألم - .. الخميس 05 فبراير 2009, 4:32 am | |
| | |
|
حياه بلا عنوان عضو فعال
الجنس : عدد المشاركات : 3711 العمر : 38 جنسيتك : مصر علم دولتك : عارضة الطاقة : تاريخ التسجيل : 13/01/2009
| موضوع: رد: خلف أسوارِ الألم - .. الأحد 08 فبراير 2009, 1:05 am | |
| | |
|