تابع : قصتي مع الطفلة بيلسان ... قصة واقعية[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]كنت سعيداً بها و ببريق سعادتها الذي يزداد في عينيها يوماً بعد يوم ..
إلى أن أتى
ذلك الصباح والذي خرجت فيه إلى المستشفى وأنا أشعر بضيق لا أدري
ماسببه ..
دخلت إلى غرفة بيلسان وشعرت وكأن كل شيء ساكن .. توجهت إلى سريرها وأنا ..
أردد بيلسان حبيبتي بابا هنا .. قبض قلبي وأنا أراها ساكنه .. أمسكت يدها
الصغيره ..
ففتحت عيناها وابتسمت إبتسامة باهته .. إقتربت منها ووضعت يدي على
جبهتها
كانت حرارتها مرتفعه .. وتتنفس بسرعه وصعوبه ... قبلت جبهتها وأنا أقول :
بيلسان مابكِ ياعزيزتي هل أنتِ بخير .. !! إبتسمت ورفعت يدها ووضعتها على خدي ..
أحسست بدفئها فأمسكت بها وقبلتها .. أقبلت ممرضتها ورأت معالم القلق على وجهي ..
فشرحت لي أن حالة بيلسان ساءت ليلة البارحة وأنها الآن أفضل .. نظرت
إليها بحزن ..
وهمست لها : جعلت فداك ياصغيرتي .. وبدأت أرقيها بالقرآن الكريم وهي
تستمع في
هدوء وراحه كانت بادية على وجهها ... حتى استسلمت للنوم .. وضعت لعبتها المحببه
إلى جانبها وقبلت خديها الدافئين وخرجت ... كانت ليلتي تلك من أصعب
الليالي علي ..
لم أستطع الأكل والشرب حتى إحتار والداي في شأني كنت أردد في صدري دعائي
لها بالشفاء ... إرتميت على سريري وأخذت أقلب صورها التي أحتفظ بها في هاتفي
ولم أشعر إلا والدموع تبلل وسادتي .. ذكرت الله حتى اطمئن قلبي واستطعت
النوم ..
إستيقظت على صوت مؤذن المسجد القريب من منزلنا .. كان صاحب صوت جهوري جميل ..
رددت خلفه في هدوء وأنا أجلس القرفصاء ... ثم إنطلقت للصلاة ... وعدت إلى المنزل وقد
إنتابني شعور لم أستطع تفسيره كنت خائفاً وقلقاً وكثير التنهد وكأن شيئاً
ما جاثم
على صدري .. ركبت سيارتي واتجهت إلى المستشفى .. توجهت مباشرة إلى سرير
بيلسان وأنا أحمل لعبة لها ... إقتربت منها فلم تتحرك كانت تئن بصوت
مكتوم ... وأجهزة
الملاحظه على صدرها وأطرافها .. دنوت منها أكثر وامسكت يدها ووضعتها على خدي كما
كانت تفعل هي .. ففتحت عيناها ونظرت إلي .. كانت المرة الأولى التي تنظر
إلي بها
بتلك النظره شعرت وكأنها تحاول إقناعي بقرب رحيلها ... قبلت يدها ومسحت رأسها
وأنا أقول : صغيرتي بيلسان سأكون إلى جانبك .. لن أتركك وحيده .. وأرجوك أن لا تتركيني
.. ستكونين بجانب بابا أليس كذلك .. !! أغمضت عيناها وغفت وأمسكت
كفيها ..
بيدي وأخذت أبكي بحرقه .. بيلسان إبتسامتك شروق شمسي فلا تغربي ...
بين عينيك صغيرتي تفتح زهري فلا تذبلي ... سيرحل أباك إن رحلتِ ... وضعت رأسي
بجانبها وأنا لا أزال ممسكاً بكفها الصغيره .. كنت مغمضاً عيناي وأنا
أستمع إلى ..
صوت أنفاسها المتسارعه ... ودموعي بلا توقف .. شعرت فجأة بشفتيها تلامس
جبيني وتطبع قبله ... فتحت عيناي ورفعت رأسي .. ومسحت دموعي .. كانت تبتسم
فابتسمت .. ثم قالت بهدوء : بابا فيثل حبيبي .. فأجبتها : وأنت حبيبة
بابا فيصل وعيونه
وقلبه وكل شيء .. إبتسمت ثم شهقت .. صرخت بيلسان مابكِ .. بدأت الأجهزة بالرنين
ولم أعد أعي مايحدث ... إجتمع حولها الأطباء .... وكنت أتأملها من بعيد
وأنا أصارع دموعي
وبعد دقائق إبتعد الجميع وآمارات الحزن على وجوههم .. كانوا يمرون إلى
جانبي واحداً
تلو الآخر وهم يربتون على كتفي قائلين : إصبر واحتسب لله ما أعطى وله
ما أخذ ..
إنالله وإنا إليه راجعون صرخت بها وقد حملت بيلسان بين ذراعي .. ضممتها إلى
صدري وبكيت بحرقه .. شعرت ببرودة جسدها مع حرارة صدري الملتهب حزناً
على فراقها .. تأملت وجهها البريء ..كانت هادئة جميله .. كما لو كانت
نائمة في
بين يدي ... أخذت أخاطبها بحزن .. صغيرتي رحلتِ ولم ترتوي بحنان أمك كما ارتوى
بقية الأطفال .. رحلت ولم تذوقي شفقة الأب كما ذاقوها .. عشت وحيده
ورحلت
وحيده .. كنت يتيمة وأبواك على قيد الحياة ... لن أنساك صغيرتي ماحييت ...
وداعاً بيلسان .. إلى جنان الخلد صغيرتي .. وداعاً بيلسان .. إلى جوار
ربك
ومن هو أرحم بكِ من أمك ... سنلتقي بإذن الله هناك .. حيث لا أحزان ولا
دموع ..
كفنت صغيرتي بيلسان وقدماي لا تقوى على حملي .. أخبر الأطباء والداها
بالخبر
وقد علمت منهم بمكان إقامة أهلها وقد قررت الصلاة عليها وحضور عزائها ... وبعد
الصلاة عليها توجهت إلى منزلها ووقفت مع جموع المعزين ... وعندما
اقتربت من والدها و عزيته سألني من أنت ! قلت له : جئت معزياً وليس مهماً أن تعرف من أكون!!
وخرجت بسرعه .. عندها لحق بي وأمسك بي وهو يقول : صوتك ليس غريباً
أنت فيصل الذي كان يتصل بنا أليس كذلك !! قلت : نعم أنا هو ..فجذبني بقوه إلى زاوية
في منزله بعيداً عن أنظار المعزين وهو يقول : إسمع .. إن علم أحد بما كان
مني تجاه .
ابنتي فستعرض نفسك للسوء ... ومد يده إلى جيبي محاولاً أخذ هاتفي ...
فدفعته
عني وأنا أقول : ثق أن الله لن يضيع حق بيلسان الصغيره .. ولست ممن يخاف تهديدك ..
ماتت ابنتك وكان يوم وفاتها يوم عيد لك ... أتعبك تصنع الحزن فارحم نفسك من هذا النفاق ..
إن كنت تشعر بالندم على فعلك فبيلسان لم تعد هناك في زاويتها الحزينه ..
حتى تطلب
منها السماح وتضمها إلى صدرك ككقطعة منك ... رحلت بيلسان إلى ربها ..
فاطلب العفو من الله .. عله يتوب عليك .. ثم تركته وخرجت ... ركبت
سيارتي ..
وكلمات بيلسان الأخيره تلامس سمعي ... بابا فيثل حبيبي ...
آه يا بيلسان كيف استطاع هجرك أقرب الناس إليك ..
آه يا بيلسان لم تعلمي حال فيصل بعد رحيلك ..
لمن سأشتري اللعب والحلوى ياصغيرتي ..
سألتقي بك بإذن الله ... اللهم إجمعني بصغيرتي بيلسان في جنات الخلود .. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
علمتني الحياة أن أكون كالنجوم تسهر لتنير للآخرين وتزيّن حياتهم دون أن تنتظر من ينظر إليها ويقول شكراً
أحمد السعدني