فتاوي العلماء عن السحر
.. سؤال وجواب في غاية الاهمية وللفائذة.
هــل سُـحـر الـنبـي (صلى الله عليه وسلم)
سؤال الى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز – رحمه الله :
هل سُحر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ وهل نفذ فيه السحر ؟
الـجــواب : الرسول من البشر ، فيجوز أن يصيبه ما يصيب البشر من الأوجاع والأمراض وتعدي الخلق عليه وظلمهم إياه كسائر البشر الى أمثال ذلك مما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث لأجلها ، ولا كانت الرسالة من أجلها ، فغير بعيد أن يصاب بمرض أو اعتداء أحد عليه بسحر ونحوه يخيل إليه بسببه في أمور الدنيا ما لا حقيقة له ، كأن يخيل إليه أنه وطئ زوجاته وهو لم يطأهن ، أو أنه يقوى على وطئهن ، حتى إذا جاء إحداهن فتر ولم يقو على ذلك ، لكن الإصابة أو المرض أو السحر لا يتجاوز ذلك الى تلقي الوحي عن الله تعالى ولا الى البلاغ عن ربه الى العالمين لقيام الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على عصمته (صلى الله عليه وسلم) في تلقي الوحي وبلاغه وسائر ما يتعلق بشؤون الدين ، والسحر نوع من الأمراض التي أصيب بها النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: سحر رسول الله رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله يخيل إليه أنه كان يفعل الشئ وما يفعله ، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم دعا ثم دعا ثم قال : " يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي : ما وجع الرجل ؟ قال : مطبوب . قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن الأعصم . قال : في أي شئ ؟ قال : في مشط ومشاطة . قال : وجف طلعة ذكر ، قال : أين هو ؟ قال : في بئر ذي أروان " ، قالت : فأتاها رسول الله في أناس من أصحابه ثم قال : " يا عائشة كان ماءها نقاعة الحناء ، وكان نخلها رؤوس الشياطين " قالت : فقلت : يا رسول الله أفلا أحرقته ، قال : " لا أما أنا فقد عافاني الله فكرهت أن أثير على الناس شراً" فأمر بها فدفنت . { رواه البخاري ومسلم }.
ومن أنكر وقوع ذلك فقد خالف الأدلة وإجماع الصحابة وسلف الأمة متشبثاً بشبه وأوهام ، لا أساس لها من الصحة ، فلا يعول عليها ، وقد بسط القول في ذلك العلامة ابن القيم في كتاب زاد المعاد والحافظ ابن حجر في فتح الباري .
{ اللجنة الدائمة فتوى رقم 4015 }
حكم من يدعون قدرتهم على شفاء الناس
من الأمراض المستعصية
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله :
يوجد في بعض جهات اليمن أناس يسمون (السادة) وهؤلاء يأتون بأشياء منافية للدين مثل الشعوذة وغيرها ، ويدّعون أنهم يقدرون على شفاء الناس من الأمراض المستعصية ويبرهنون على ذلك بطعن أنفسهم بالخناجر ، أو قطع السنتهم ثم إعادتها دون ضرر يلحق بهم ، وهؤلاء منهم من يصلي ومنهم من لا يصلي ، وكذلك يحلون لأنفسهم الزواج من غير فصيلتهم ولا يحلون لأحد الزواج من فصيلتهم وعند دعائهم للمرضى يقولون : ( يا الله يا فلان ) ) أحد أجدادهم .
وفي القديم كان الناس يكبرونهم ويعتبرونهم أناساً غير عاديين وأنهم مقربون الى الله ، بل يسمونهم رجال الله ، والآن انقسم الناس فيهم : فمنهم من يعارضهم وهم فئة الشباب وبعض المتعلمين . ومنهم من لا يزال متمسكاً بهم وهم كبار السن وغير المتعلمين ، نرجو من فضيلتكم بيان الحقيقة في هذا الموضوع ؟
الـجــواب : هؤلاء وأشباههم من جملة المتصوفة الذين لهم أعمال منكرة وتصرفات باطلة وهم أيضاً من جملة العرافين الذي قال فيهم النبي (صلى الله عليه وسلم): " من أتى عرافاً فسأله عن شئ لم تقبل له صلاة أربعين يوماً " وذلك بدعواهم علم الغيب وخدمتهم للجن وعبادتهم إياهم وتلبيسهم على الناس بما يفعلون من أنواع السحر الذي قال الله فيه في قصة موسى وفرعون : ( قَالَ أَلقُوا فَلَمَّا أَلقَوا سَحَرُوا أَعيُنَ النَّاسِ وَاستَرهَبُوهُم وَجَاءُو بِسِحرٍ عَظِيمٍ ) {الأعراف 116 } فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم لهذا الحديث الشريف ولقوله (صلى الله عليه وسلم) :" من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (صلى الله عليه وسلم) " وفي لفظ آخر : " من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (صلى الله عليه وسلم) " . وأما دعاؤهم غير الله واستغاثتهم بغير الله أو زعمهم أن أباءهم وأسلافهم يتصرفون في الكون أو يشفون المرضى أو يجيبون الدعاء مع موتهم أو غيبتهم فهذا كله من الكفر بالله عز وجل ومن الشرك الأكبر ، فالواجب الإنكار عليهم وعدم إتيانهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم ، لأنهم قد جمعوا في هذه الأعمال بين عمل الكهنة والعرافين وبين عمل المشركين عباد غير الله والمستغيثين بغير الله والمستعينين بغير الله من الجن والأموات وغيرهم ممن ينتسبون إليهم ويزعمون أنهم آباؤهم وأسلافهم أو من أناس آخرون يزعمون أن لهم ولاية أو لهم كرامة ، بل كل هذا من أعمال الشعودة ومن أعمال الكهانة والعرافة المنكرة في الشرع المطهر .
وأما ما يقع منهم من التصرفات المنكرة من طعنهم أنفسهم بالخناجر أو قطعهم ألسنتهم فكل هذا تمويه على الناس وكله من أنواع السحر المحرم الذي جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه كما تقدم ، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك وهذا من جنس ما قاله الله سبحانه وتعالى عن سحرة فرعون : ( يُخَيَّلُ إِليهِ مِن سِحرِهِم أَنَّها تَسعَى ) { طه 66 } فهؤلاء قد جمعوا بين السحر وبين الشعوذة والكهانة والعرافة وبين الشرك الأكبر والاستعانة بغير الله والاستغاثة بغير الله وبين دعوى علم الغيب والتصرف في علم الكون ، وهذه أنواع كثيرة من الشرك الأكبر والكفر البواح ومن أعمال الشعوذة التي حرمها الله عز وجل ومن دعوى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه : ( قُل لا يَعلَمُ مَن فِى السَّمَواتِ والأَرضِ الغَيبَ إِلاَّ اللهُ ) { النمل 65 } .
فالواجب على جميع المسلمين العرافين بحالهم الإنكار عليهم وبيان سوء تصرفاتهم وأنها منكرة ورفع أمرهم الى ولاة الأمور إذا كانوا في بلاد إسلامية حتى يعاقبوهم بما يستحقون شرعاً حسماً لشرهم وحماية للمسلمين من أباطيلهم وتلبيسهم . والله ولي التوفيق .
{ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة }
حكم حل السحر بالنُشرة
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله :
ما حكم حل السحر عن المسحور " النُشرة " ؟
الـجــواب : حل السحر عن المسحور " النُشرة " الأصح فيها أنها تنقسم الى قسمين :
القسم الأول : أن تكون بالقرآن الكريم والأدعية الشرعية والأدوية المباحة فهذه لا بأس بها لما فيها من المصلحة وعدم المفسدة ، بل ربما تكون مطلوبة لأنها مصلحة بلا مضرة .
القسم الثاني : إذا كانت النُشرة بشئ محرم كنقض السحر بسحر مثله فهذا موضع خلاف بين أهل العلم ، فمن العلماء من أجازه للضرورة . ومنهم من منعه لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن النشرة فقال :" هي من عمل الشيطان " وإسناده جيد رواه أبو داود ، وعلى هذا يكون حل السحر بالسحر محرماً وعلى المرء أن يلجأ الى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع لإزالة ضرره والله سبحانه وتعالى يقول : ( وإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنّىِ فَإنّىِ قَرِيب أُجِيبُ دَعَوةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) { البقرة 186} ويقول الله سبحانه : ( أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكشِفُ السُّوءَ وَيَجعَلُكُم خُلَفَاءَ الأَرضِ إلَهُُ مَعَ اللهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ) { النمل 62 } والله الموفق .
{ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين }
حـــقــيــقـة الـــســــحـــر
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله :
هل للسحر حقيقة ؟
فـأجــاب : للسحر حقيقة ولا شك وهو مؤثر حقيقة ، لكن كونه يقلب الشئ أو يحرك الساكن أو يسكن المتحرك هذا خيال وليس حقيقة ، انظر الى قول الله تعالى في قصة السحرة من آل فرعون ، يقول الله تعالى : ( يُخَيَّلُ إِليهِ مِن سِحرِهِم أَنَّهَا تَسعَى ) { طه 66 } ، فالسحر في قلب الأشياء ، وتحريك الساكن ، أو تسكين المتحرك ليس له أثر ، لكن في كونه يسحر أو يؤثر على المسحور حتى يرى الساكن متحركاً ، والمتحرك ساكناً أثره ظاهر جداً إذن فله حقيقة ويؤثر على بدن المسحور وحواسه وربما يهلكه .
{ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين }
حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر
سئل فضيلة الشيخ محمد بن العثيمين – رحمه الله :
ما حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر ؟
فـأجــاب : هذا محرم ولا يجوز وهذا يسمى بالعطف ، وما يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضاً محرم وقد يكون كفراً وشركاً ، قال الله تعالى : ( وَمَا يُعَلّمَانِ مِن أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحنُ فِتنَةُُ فَلاَ تَكفُر فَيَتَعَلَّمُونَ مِنهُمَا مَا يُفَرِقُونَ بِهِ بَينَ المَرءِ وَزَوجِهِ وَمَا هُم بِضَارّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهم وَلاَ يَنفَعُهُم وَلَقَد عَلِمُوا لَمَنِ اشتَراهُ مَا لَهُ فِى الأَخِرةِ مِن خَالَقٍ ) { البقرة 102 } .
{ مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين }