تشكل المدن المكتظة بالسكان أرضاً خصبة للفيروسات، فيصاب، بحسب الدراسات، الراشد المتوسط بالزكام من مرتين إلى خمس مرات سنوياً، في حين يشهد تلامذة المدارس أسوأ معاناة، إذ يهاجمهم الزكام من سبع إلى عشر مرات سنوياً. أما الأطفال الذين لم يكتمل نمو جهاز المناعة لديهم، فهم الأقل حصانةً ويشكلون مخزناً رئيساً للعدوى.
يمكن لغسل اليدين التخفيف من
انتشار عدوى الزكام بين أفراد العائلة
مدير مركز الأبحاث حول الزكام في جامعة كارديف في بريطانيا، البروفيسور رون إكليز يساعدكم في محاربة الزكام. تلتقط أصابعك الفيروسات بكل سهولة عبر لمس مقابض الأبواب والمصافحة، فتنتقل إليك العدوى عندما تلمس أنفك وعينيك. يمكن لغسل اليدين التخفيف من انتشار عدوى الزكام بين أفراد العائلة.
مع ذلك، لا ضرر من التقبيل لأن الفيروس يتنقل في جهاز التنفس ويستقر بالتالي خلف الحنجرة، لكنْ ثمة خطر من انتقال الفيروس عبر التقبيل إن كنت تعاني سعالاً حاداً واختلط بعض المخاط بلعابك. تنتشر فيروسات الزكام بجزيئات كبيرة تطلق على نطاق قريب بواسطة السعال والعطاس. لذلك، الطريقة الوحيدة المضمونة لتجنب الإصابة بزكام هي البقاء في المنزل واحتساء المشروبات الساخنة.
عدوى
على الرغم من أن قلةً منا تتفادى الإصابة بالزكام لبضع مرات على الأقل، لا تعتبر فيروسات الزكام معدية جداً. ثبت في بحث ضم متطوعين يتمتعون بصحة جيدة أنه من الصعب انتقال فيروس الزكام من شخص إلى آخر. تصاب بالعدوى عندما تظهر عليك أولى عوارض العطاس وسيلان الأنف والسعال. ينتشر الفيروس أيضاً على الأصابع عندما نلوّثها بالمخاط.
الأكثر عرضةً
ثمة أشخاص لا يصابون أبداً بالزكام. لعلهم يصابون به من دون أن تظهر عليهم أية عوارض. من هذا المنطلق، قد تبرز اختلافات جينية في أجهزة المناعة تجعل البعض أكثر حصانةً. قد تحدث عوارض لا تذكر كالتهاب خفيف في الحنجرة وبضع عطسات لا يمكن تصنيفها ضمن عوارض الزكام. أما الزكام الحقيقي الذي يسبب عوارض خطيرة يمثل جزءاً بسيطاً من العدوى. يشار الى أن الاختلافات الجينية في جهاز المناعة قد تفسِّر سبب إحداث الفيروسات عينها عوارض حادة لدى شخص وطفيفة أو معدمة لدى آخر.
الرجال
لم تثبت الدراسات أن الرجال يستجيبون بشكل أكبر للعدوى من النساء، لكن وظيفة جهاز المناعة لدى المرأة تقضي بحماية جسم غريب عند الحمل، ما يفسِّر قدرتها الأكبرعلى مقاومة الزكام.
الضغط النفسي
يمكن أن تجعلك ضغوط الحياة اليومية
أكثر عرضةً للإصابة بزكام
يمكن أن تجعلك ضغوط الحياة اليومية أكثر عرضةً للإصابة بزكام. تُظهر اختبارات شملت متطوّعين، أن هؤلاء كانوا أكثر عرضةً للعدوى عندما عانوا من مشاكل عائلية أو عاطفية... ما يؤكد أن الضغط النفسي يرتبط بقمع المقاومة العامة للعدوى. من غير الواضح كيف يؤثر هذا الضغط في جهاز المناعة، لكن ثمة زيادة على ما يبدو في هورمونات الستيرويد القشري، التي تعرف بقدرتها على تخفيف مقاومة جهاز المناعة. لذلك، قد تكون المشاكل اليومية المتزايدة من العوامل المسبّبة لشيوع الإصابة بالزكام.
الشتاء
مع حلول فصل الشتاء، نرتدي معاطفنا لحماية حرارة أجسامنا، إلا أننا لا نحمي حرارة أنوفنا. يجف الأنف في جو حرارة منخفضة أو في ظل تكييف هوائي جاف، فتؤسر الفيروسات في جهاز التنفّس وتبدأ بالتكاثر. أظهرت دراسة أخيرة أنه عندما خفت درجة حرارة المتطوّعين عبر وضع أقدامهم في مياه مثلجة لمدة 20 دقيقة، زاد احتمال إصابتهم بزكام في الأيام الخمس التالية بثلاثة أضعاف. لذلك، يجب أن نغطي أعناقنا وأنوفنا بأوشحة.
فيروسات
حتى لو تعافيت لتوِّك من زكام، قد تصاب بآخر فوراً نتيجة فيروس مختلف. تحميك الأجسام المضادة التي تنتجها لمحاربة أول حالة زكام من الفيروس الأول فحسب، لكن ثمة ما يكفي من الفيروسات للإصابة بالزكام مرات عدة. بينما ينجم ثلث حالات الزكام أو نصفها عن الحمّات الأنفية، تحدث أخرى نتيجة فيروس تنفّسي، وحمّات غدية، وفيروس الأنفلونزا... تتشابه تأثيرات الفيروسات كافة ويستحيل تحديد هوية كل فيروس من العوارض فحسب.
الحمّى
إن أي علة تسبّب حمّى مرتبطة بفقدان الشهية
يقال إن أي علة تسبّب حمّى مرتبطة بفقدان الشهية، لكن معظم حالات الزكام لدى الراشدين لا يصحبه حمّى، لذا لا تخف شهيتهم كثيراً. إنها المواد الكيماوية التي تفرزها خلايا الدم البيض. تكافح تلك الخلايا العدوى وتسبّب الحمى والإرهاق وفقدان الشهية. في حالات الزكام الحادة، تفرز الخلايا البيض تلك المواد بكثرة، فتظهر لدينا عوارض نموذجية من الحمى والإرهاق وفقدان الشهية شبيهة بالانفلونزا.
عوارض
تظهر عوارض الزكام: عطاس، سعال، سيلان أو انسداد أنف، نتيجة سائل معقّد من المواد الكيماوية التي ينتجها جهاز المناعة والتي تؤثر في الأوعية الدموية والغدد والنسيج العصبي. تشكل العوارض جزءاً من ردة فعل التهابية تجاه العدوى.
براديكينين من المواد الكيماوية التي تؤدي دوراً رئيساً عند الإصابة بزكام. على الرغم من وجودها في إفرازات الأنف، من شأن إدخالها في أنوف متطوّعين يتمتعون بصحة جيدة التسبّب باحتقان الأنف وتحفيز إفرازاته، والتسبب بحكة في الحلق.
العلاج
يولي الاختصاصيون أهمية كبرى لتطوير دواء يعمل كمضاد للبراديكينين. قد يكون له تأثير مماثل لمضاد الحساسية ضد حمّى الكلأ في تخفيف العوارض، إلا أن أحداً لم يتوصل بعد إلى هذا الدواء، الذي قد يُكتشف، على الأرجح، نتيجة بحث طويل حول التهاب المفاصل، فمادة البراديكينين تتسبب جزئياً بالألم والتورّم الناجمين عن هذا الداء.
الفيتامين C والأخيناسيا
تتصف الانفلونزا الحقيقية عادةً
برغبة لا تقاوم ومفاجئة في التمدد
ما من دليل يؤكد أن هذين العلاجين يمنعان الزكام. أشاع الحائز جائزة نوبل، لينوس بولينغ، فكرة تناول جرعات يومية من الفيتامين C لمنع الزكام. ارتفعت بالتالي مبيعات هذا الفيتامين، غير أن شريحةً صغيرة من السكان في الغرب عرضة لنقص في الفيتامين C ومن غير المرجح أن تعود جرعة يومية بأية فائدة.
تعتبر نبتة الأخيناسيا أكثر علاج وقائي شهرةً للزكام، إذ تساعد في منع انتقال العدوى عبر تعزيز جهاز المناعة. نظرياً، يمكنها وقف انتقال عدوى الزكام ومنع تطوّر عوارضه، لكن لا دليل يؤكد ذلك.
الأسبيرين
وحده جهاز المناعة يمكنه مداواة الزكام. في معظم الحالات، يتطلب الأمر من أربعة إلى سبعة أيام ولا يستلزم أي علاج. إن كنت تريد تخفيف العوارض الحادة، أثبت الأسبيرين، الباراسيتامول والإيبوبروفين فاعليته في تخفيف الصداع، وألم الجيوب الأنفية والتهاب الحلق والأوجاع. يمكن أيضاً استخدام بخاخ للأنف قبل النوم يحتوي على الأوكسييتازولين لتخفيف الاحتقان. كذلك، قد تعالج المشروبات الساخنة والحساء والأطعمة الحارة السعال والتهاب الحلق، إلا أن أدوية السعال الاعتيادية ليست سوى علاجات موقتة.
الانفلونزا
تتصف الانفلونزا الحقيقية عادةً برغبة لا تقاوم ومفاجئة في التمدد، مصحوبةً بأوجاع في العضلات وشعور عام بالضيق، يصاحبها عادة ارتفاع في درجة الحرارة، وهي مرض غير مألوف مقارنةً بالزكام. لمحاربتها لا بد من اللجوء الى المشروبات الساخنة والباراسيتامول وبعض الرعاية.