العناية بالمشاعر بين الزوجين
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبت، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم، قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك)
من فوائد الحديث:
1) إذا استقرأ الزوجان حال كل منهما، وعرف كل منهما ما يغضب الآخر وما يرضيه وأسباب كل ذلك ؛ فقد تمكنا -بإذن الله- من توطيد أسس العلاقة الزوجية والسير بها في الدروب الآمنة، المفروشة بالورود والرياحين، وأمكنهما أيضاً تجنيب أسرتهما مسالك العسر ومواضع الزلل والنكد، ونلحظ في هذا الحديث دقة عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بمشاعر عائشة رضي الله عنها وانطباعاتها حتى صار يعلم رضاها وغضبها من مجرد كلامها وحلفها.
2) قد يقع بين الزوجين نوع من الاختلاف ولكن ينبغي إن وجد هجر بينهما أن لا يكون مجحفاً، بل بالقدر المشروع، بحيث لا يتجاوز الكلام وبسط الوجه، حتى الزوجة الناشز شرع الله - بعد وعظها - هجرها في المضجع والفراش، وليس عن المضجع والفراش، ولقد أحسن الشاعر حين قال:
إني لأمنحك الصدود وإنني قسماً إليك مع الصدود لأميل
3) اغتفر لعائشة رضي الله عنها غضبها على رسول الله صلى الله عليه وسلم -إذ لا يجوز لأحد أن يغضب عليه -لأن ذلك كان بدافع الغيرة، والغيرة دليل المحبة، ومع ذلك فإنها لم تبتعد ولم تشطط كثيراً في غضبها، فقد اختارت ذكر إبراهيم عليه السلام من بين سائر الأنبياء في قسمها حيث قالت (ورب إبراهيم) لأن نبينا صلى الله عليه وسلم أولى الناس به، فهي لم تخرج عن التعلق به صلى الله عليه وسلم في الجملة، وهكذا ينبغي لكل من الزوجين، بحيث يكون في غضبه مقارباً غير مجحفٍ.
4) يقع من بعض المسلمين الحلف بغير الله وهذا محرم وهو من الشرك الأصغر، حتى ولو كان المحلوف به عظيماً كالنبي صلى الله عليه وسلم أو الكعبة ونحوهما، قال الرسول صلى الله عليه وسلم (فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وصح عنه أيضاً (من حلف بالأمانة فليس منا) وقال عليه الصلاة والسلام (من حلف بغير الله فقد أشرك)
بقلم
الشيخ / خالد بن عبد الرحمن الشايع