اعلم رحمك الله أن آيات إخراج الشيطان ، وطرده من جنة الرحمن ؛ من أعظم الآيات التي يُطْرَدُ ، ويُدْفَعُ بها عن المصروع ؛ صَائِلُ الجان.
عظيمة النفع . . شديدة الدفع . . هي شجرة الزقوم ، وتكاد تبلغ بها الروح من الجِنِّيِّ الحُلْقُوم . . هي مقامع الحديد ، وسياط الجلاد الشديد على الجني الجبار العنيد . . لا تطيق سماعها الشياطين ، ولا يمكث معها جني في بدن المصروع بعد تلاوتها طرفة عين.
فإليكها : ﴿ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيْهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِيْنَ ﴾(2).
وتكرر الآيةَ ثَلاثَ مِرَارٍ ، أو سَبْعاً ، ثم كرر : ﴿ فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِيْنَ ﴾ ؛ سبع مِرَارٍ ، أو أَرْبَعَ عَشْرَةَ مرةً ، أو إحدى وعشرين مرة ، وهكذا ؛ ثم انظر دفعها ، وسمع للجني صفعها ، وعليه وقعها ، يترنح منها شمالاً وذات اليمين ، وتخاله من شدتها قَائِمَ العين(!)
وتُتْبعها بقوله تعالى : ﴿ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً ﴾ ، وتكررها سبعاً ، أو يزيد وهكذا كسابقتها ، ثم أَتِمَّ الآية : ﴿ لَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِيْنَ ﴾(3).
ثم قوله : ﴿ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيْمٌ ﴾(4)، وكررها سبعاً ، أو أربع عشرة مرة ، أو أزيد ، وأعد وكرر : ﴿ فَإِنَّكَ رَجِيْم ﴾ ؛ مراراً ، ثم اقرأ : ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ ﴾(5)، وكررها سبعاً ، وهكذا ؛ فإنَّهُ لا يطيق سماعها.
ثم تقرأ قوله تعالى : ﴿ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهَمْ صَاغِرُونَ ﴾(6) ؛ وكرر : ﴿ وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهَمْ صَاغِرُونَ ﴾ ؛ ثلاثاً ، أو سبعاً وهكذا.
واعلم رحمك الله أن هذه الآيات الطيبات ، المباركات تقرأ في أُذُنِ من بِهِ جِنَّةٌ ، وتقرأ له على الماء ويُسْقَاهَا ، وعلى زيت الزيتون ، وزيت البندق ـ وهو أَشَدُّهَا على الجنِّ وَأَنْكَاهَا ـ ، وعلى زيت الحبة السوداء ؛ فيدَّهِنُ بها ، وعلى العسل شُرْباً ؛ فما أعذبها لعليل المس وَأَشْهَاهَا(!)
ويقرأها المريض لنفسه ، وإِنْ كُلُّ ذلك لعظيم النفع ، بالغ الدفع ، شديد الصفع.
وهي أشد وأنكأ للجني من غيرها من الآيات وما قرأتُها على مريض يشكو المس إلا وفر جنه قبل إتمامها ، وأن آتي على ختامها.
وكم تدافع على أفواه المرضى عند تلاوتها الجان(؟!) وكم وكم لها من عظيم الشأن(؟!) إِيْ وربِّ الفلق ، وتكفي شر ما خلق.
ولا يبقى بعد سماعها في بدن الممسوس جني إلا أن يكون مربوطاً بسحر ، أو كبيراً أقعده العجز عن الحركة والقيام ؛ إلا أنها تضيق عليه الأنفاس ، وتجعله من الحياة في شبه إياس.
فأين أنت أخي المعالج من هذه الآيات(؟) أم أين أنت من قوله تعالى : ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصَرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ﴾(7) ؛ لهي أشد عليه من نضح النبال ، ووقع النصال ، سيما مع تكرير : ﴿ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ ﴾ ؛ مراراً على حدة ، ثم : ﴿وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصَرْكُمْ عَلَيْهِمْ ﴾ ؛ كذلك ؛ تكاد تورد الجني بها المهالك.
ــــــــــــــــــــــ
(1) ضوء الفانوس بكيفية إخراج الجن من بدن الممسوس.
(2) سورة الأعراف الآية : (13).
(3) سورة الأعراف الآية : (18).
(4) سورة الحجر الآية : (34).
(5) سورة الحجر الآية : (35).
(6) سورة النمل الآية : (37).
(7) سورة التوبة الآية : (14).